للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِمَاغُهُ» أخرجه مسلم (١).

فالمؤمنون في الجنة متفاوتون في الدرجات، والكفار في النار متفاوتون في الدركات، كل حسب عمله ينعم أو يعذب، ويكرم أو يهان.

وأهل الكفر والشرك هم أصحاب الظلمات، المنغمسون في الجهل، بحيث أحاط بهم من كل وجه، فهم بمنزلة الأنعام، بل هم أضل سبيلاً: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢)} [محمد: ١٢].

وأعمالهم كلها ظلم وظلمات وهباء، فلا يقبل منها شيء في الآخرة كما قال سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

وما عملوه من خير في الدنيا يجازون به في الدنيا من صحة في الأبدان، ونماء في الأموال، ورغد في العيش، حتى يلاقوا ربهم يوم القيامة وليس لهم حسنة واحدة يجزون بها.

والكافر ظالم، والمشرك ظالم، ومن كان ظالماً يعيش في الظلمات في الدنيا والآخرة:

ظلمة الكفر .. وظلمة الشرك .. وظلمة الجهل .. وظلمة الشك والريب .. وظلمة الإعراض عن الحق الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)} [إبراهيم: ١].

فأنى يكون لهذا الظالم الذي يعيش في الظلمات نوراً بدون نور الإيمان؟

وكيف تكون حاله إذا فقد النور في الدنيا والآخرة؟

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)} [الأنعام: ١٢٢].

فكل معرض عما بعث الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - من الهدى ودين الحق يتقلب في بحور


(١) أخرجه مسلم برقم (٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>