للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال، لكن الشرك الأصغر يحبط العمل الذي قارنه، كأن يعمل عملاً لله يريد به ثناء الناس عليه، كأن يحسن صلاته أو يتصدق أو يصوم أو يذكر الله لأجل أن يراه الناس، أو يسمعونه أو يمدحونه.

فهذا الرياء إذا خالط العمل أبطله.

ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، وقول الإنسان ما شاء الله وشئت، أو لولا الله وفلان، ونحو ذلك.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» أخرجه أحمد وأبو داود (١).

والشرك الأصغر قد يكون أكبرَ على حسب ما يكون في قلب صاحبه، فيجب الحذر من الشرك مطلقاً، الأكبر والأصغر، فالشرك ظلم عظيم لا يغفره الله.

والشرك نوعان:

شرك جلي .. وشرك خفي

فالجلي ما سبق ذكره، والخفي لا يكاد يسلم منه أحد، مثل أن يحب مع الله غيره، وهو في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، وأكثر الأمة واقعون فيه كما قال سبحانه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} [يوسف: ١٠٦].

فمن نقصت محبته لله أحب غيره، إذ لو كملت محبته لله لم يحب سواه، وكلما قويت محبة العبد لمولاه صغرت عنده المحبوبات وقلَّت، وكلما ضعفت محبته لله كثرت محبوباته من المخلوقات وانتشرت.

وإذا كمل خوف العبد من ربه لم يخف شيئاً سواه، وإذا نقص خوفه خاف من المخلوق، وكلما نقص خوفه من ربه زاد خوفه من غيره.

وإذا كمل رجاء العبد في مولاه لم يرج أحداً سواه، وإذا نقص رجاؤه وضعف وقف بباب المخلوق ورجاه، وذل لغير مولاه.


(١) صحيح: أخرجه أحمد برقم (٢٣٥٤)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (١٣٧).
وأخرجه أبو داود برقم (٤٩٨٠) واللفظ له، صحيح سنن أبي داود رقم (٤١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>