للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن توكل على ربه كفاه، واستغنى به عمن سواه، وإذا نقص توكله توجه إلى المخلوق، واتكأ على عاجز مثله.

فهذا هو الشرك الخفي الذي لا يكاد يسلم منه أحد إلا من عصم الله سبحانه.

وكثيراً ما يقرن الناس بين الرياء والعجب.

فالرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس.

وهذا حال المستكبر:

فمن حقق (إياك نعبد) خرج من الرياء.

ومن حقق (وإياك نستعين) خرج من العجب.

فاللهم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٦، ٧].

واتخاذ الوسائط بين الله وخلقه قبيح عقلاً وشرعاً، فإن الوسائط بين الملوك والناس على أحد وجوه ثلاثة:

الأول: إما لإخبار الملوك عن أحوال الناس بما لا يعرفونه، والله عزَّ وجلَّ يعلم السر وأخفى، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع لكل شيء، البصير بكل شيء، العليم بكل شيء، فلا يحتاج لذلك.

الثاني: أن يكون الملك عاجزاً عن تدبير رعيته، ودفع أعدائه إلا بأعوان يعينونه، فلضعفه وعجزه يتخذ أعواناً وأنصاراً.

والله سبحانه هو الغني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل كلهم محتاجون إليه.

الثالث: أن يكون الملك ليس مريداً لنفع رعيته والإحسان إليهم إلا بمحرك يحركه من خارج.

فإذا خاطب الملك من ينصحه أو يعظمه، أو يرجوه أو يخافه، تحركت همة الملك وإرادته لقضاء حوائج رعيته، وقبل شفاعتهم بإذنه وبدون إذنه، لحاجته إليهم، وتارة لخوفه منهم، وتارة جزاء لإحسانهم إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>