للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يخدعون بعض الناس على أنهم بهذا مسلمون.

والله سبحانه يقرر في أمثالهم أنهم مشركون، لا يدينون دين الحق، وأنهم يتخذون أرباباً من دون الله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١].

وهؤلاء الأرباب يحلون لهم الحرام، ويحرمون عليهم الحلال، فيتبعونهم ويطيعونهم، فتلك عبادتهم إياهم.

والله تبارك وتعالى أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل المشركين عما يعبدونه من الشركاء، وماذا يملكون من الأمر الذي به يستحقون العبادة؟.

فقال له: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥)} [يونس: ٣٥].

والمشركون مقرون بأن الله هو الذي يبدأ الخلق، ولكنهم غير مسلمين بإعادته ولا بالبعث والنشور كما قال سبحانه: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)} [التغابن: ٧].

ولكن حكمة الخالق المدبر لا تكمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض، ولم يبلغوا الكمال المقدر لهم، ولم يلقوا جزاء إحسانهم وإساءتهم.

إنها رحلة ناقصة لا تليق بخالق مدبر حكيم، وإن الحياة الآخرة لضرورة من ضرورات الاعتقاد في حكمة الخالق وتدبيره، وعدله ورحمته.

وإذا كان هؤلاء الكفار يؤمنون بأن الله هو الذي يبدأ الخلق، فما لهم لا يؤمنون بأنه كذلك قادر على أن يعيده، وهذه الإعادة قريبة الشبه بإخراج الحي من الميت الذي يؤمنون به.

ثم يسألهم مرة أخرى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>