هذا كان ليتحمل عاقبة اختياره .. وليكون جزاؤه على عمله .. وليحق العذاب على المنافقين والمنافقات .. والمشركين والمشركات .. وليمد الله يد العون للمؤمنين والمؤمنات .. فيتوب عليهم مما يقعون فيه تحت ضغط ما ركب فيهم من ضعف ونقص .. وما يقف في طريقهم من حواجز وموانع، وما يشدهم ويجذبهم من الشهوات والمغريات .. فذلك فضل الله وعونه.
وقد حمل الإنسان هذه الأمانة: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٣)} [الأحزاب: ٧٣].
والأمانات في الدين كثيرة، وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ بأداء جميع الأمانات كما قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء: ٥٨].
والأمانات تبدأ من الأمانة الكبرى، الأمانة التي ناط الله بها فطرة الإنسان، والتي أبت السموات والأرض أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان، وهي أمانة الهداية والمعرفة والإيمان بالله عن قصد وإرادة وجهد واتجاه.
فهذه أمانة الفطرة الإنسانية خاصة.
فكل ما عدا الإنسان ألهمه ربه الإيمان به، والاهتداء إليه، ومعرفته، وعبادته، وطاعته، وألزمه طاعة أمره بغير جهد منه.
والإنسان وحده هو الذي وكله الله إلى فطرته، وإلى عقله، وإلى معرفته وإلى إرادته، وإلى اتجاهه، وإلى جهده الذي يبذله للوصول إلى الله بعون من الله كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
وقد حمل الإنسان هذه الأمانة العظيمة، وعليه أن يؤديها أول ما يؤدي من الأمانات، ومن هذه الأمانة تنبثق سائر الأمانات التي أمر الله أن تؤدى.