الشهادة له في النفس أولاً بمجاهدة النفس حتى تكون ترجمة له، ترجمة حية في شعورها وسلوكها، حتى يرى الناس صورة الإيمان في هذه النفس، فيقولون: ما أحسن هذا الإيمان وأطيبه وأزكاه، وهو يصوغ أصحابه على الجمال والكمال، وحسن الأخلاق والآداب.
فتكون هذه شهادة لهذا الدين في النفس يتأثر بها الآخرون فيدخلون فيه.
والشهادة له كذلك بدعوة الناس إليه، وبيان فضله وجماله، فما يكفي أن يؤدي المؤمن الشهادة للإيمان في ذات نفسه، إذا هو لم يدع إليها الناس كذلك، وما يكون قد أدى أمانة الدعوة والتبليغ والبيان، وهي إحدى الأمانات الكبرى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} [إبراهيم: ٥٢].
ثم الشهادة لهذا الدين بمحاولة إقراره في الأرض منهجاً للبشرية كلها، بكل ما يملكه الفرد .. وتملكه الأمة من وسائل، فإقرار منهج الله في حياة البشر هو كبرى الأمانات بعد الإيمان بالله، ولا يعفى من هذه الأمانة فرد ولا جماعة.
ومن الأمانات التي يجب أداؤها، أمانة التعامل مع الناس، ورد أماناتهم إليهم، وأمانة المعاملات والودائع، وأمانة النصيحة للراعي والرعية، وأمانة القيام على الأهل والأولاد، وأمانة المحافظة على العبادات وأدائها في وقتها بصفتها خالصة لله، وسائر ما ورد في الدين من أحكام وواجبات، وسنن وآداب.
فهذه من الأمانات التي يجب أن تؤدى كما أمر الله بقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء: ٥٨].
ومن أعظم الأمانات وأهمها الحكم بما أنزل الله في أي جيل، وفي أي قبيل، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فإنما يرفض ألوهية الله ويرد أمره، وذلك كفر.
وقد وصف الله عزَّ وجلَّ من لم يحكم بما أنزل الله بثلاث صفات هي: