للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق الدنيا من أجلنا، وجعلها مكان مؤقتاً للعمل.

وخلق الآخرة من أجلنا، وجعلها مكاناً دائماً للثواب والعقاب.

وأنزل إلينا المنهج الذي يسعدنا في الدنيا والآخرة.

وحملنا هذه الأمانة، فمن أدى الأمانة أسعده الله في الدنيا والآخرة.

وبعض الناس حمل الأمانة وراح يضيعها فيما لا ينفع، وفيما نهى الله عنه، معتقداً أن الدنيا دائمة، وأن الحياة بلا نهاية، كافراً بلقاء الله.

إن كل الذين أسلموا في عهد النبوة وبعده، أتوا باختيارهم طائعين، ولا يقبل قول من قال إن الإسلام انتشر بالسيف والإكراه، ذلك لأن السيف في الإسلام وضع لحماية حرية الإنسان في أن يؤمن أو لا يؤمن، ولمنع الإكراه. فقد كانت هناك قوى متسلطة على الناس بالسيف تكرههم على عبادة غير الله، وتمنعهم من عبادة الله، وترغمهم على عقائد زائفة، بل منهم من أكره الناس على عبادته.

فكان الحاكم ينصب نفسه إلهاً، فمن عبده فله الأمان، ومن لم يعبده فدمه مباح.

وهنا قال الإسلام: دعوا الناس أحراراً في اختيار ما يعتقدون، نعرض عليهم الإسلام، واعرضوا أنتم عليهم ما أردتم، وبعد ذلك: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩].

إن سماحة الإسلام، وعظمة الإسلام، وجمال الإسلام، ورحمة الإسلام، وعدل الإسلام، هي الدافع لأن يعتنقه ملايين البشر، لأنهم رأوا فيه دين الحق والعدل والإحسان.

وكل من علم به، وأعرض عنه فهو مطرود محروم، ليس أهلاً لهذه النعمة التي أكرم الله بها عباده، فهو شاذ عن سائر المخلوقات بمعصيته للواحد القهار: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣)} [آل عمران: ٨٣].

إن الإسلام هو المنهج الإلهي للبشرية في صورته الأخيرة، سبقته صور منه تناسب أطواراً معينة من حياة البشرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>