للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجبة، وهو لا يزول بمجرد التمني، بل بالمعالجة، واستعمال الأدوية القامعة له، وذلك يتم بأمرين:

أحدهما: استئصال أصله، وقلع شجرته من مغرسها في القلب، وذلك بأن يعرف نفسه، ويعرف ربه تعالى، ويكفيه ذلك في إزالة الكبر.

فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة، علم أنه أذل من كل ذليل، وأقل من كل قليل، وأنه لا يليق به إلا التواضع والذلة والمهانة.

وإذا عرف ربه علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا بالله وحده لا شريك له.

ثم يتواضع لله بالفعل، ولسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين.

وأما علاج التكبر بالأسباب المذكورة السابقة:

فيعلم نسبه الحقيقي، ويذكر أباه وجده، فإن أباه القريب نطفة قذرة، وجده البعيد تراب ذليل.

ومن تكبر بجماله فدواؤه أن ينظر إلى باطنه نظر العقلاء، ولا ينظر إلى الظاهر نظر البهائم، ومهما نظر في باطنه رأى من القبائح ما يكدر عليه تعززه بالجمال.

فالأقذار في جميع أجزائه:

البول في مثانته .. والرجيع في أمعائه .. والمخاط في أنفه .. والبزاق في فيه .. والدم في عروقه .. والصديد تحت بشرته .. والصنان تحت إبطه .. والوسخ في أذنيه .. ورائحة العرق تنبعث من جلده.

فهل لأحد أن يتكبر بعد هذا؟.

وأما التكبر بالقوة والأيدي، فيمنعه منه علمه بما سلط عليه من العلل والأمراض، وأنه لو اعتل عرق واحد من بدنه، لصار أعجز من كل عاجز، وأذل من كل ذليل.

ثم إنه لا يطيق شوكة، ولا يقاوم بقة، ولا يدفع عن نفسه ذبابة، فلا ينبغي أن يفتخر بقوته وهذه حاله.

ثم إن قوي الإنسان فلا يكون أقوى من حمار أو بقرة أو جمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>