للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا.

ثم كيف يعجب بهؤلاء وهم سيفترقون عنه إذا مات، ويهربون منه يوم القيامة؟.

ومن أعجب بالمال وافتخر به فعلاجه: أن يتفكر في آفات المال، وكثرة حقوقه، وعظم غوائله، وينظر إلى فضيلة الفقراء، وسبقهم إلى الجنة يوم القيامة، ويعلم أن المال غاد ورائح لا أصل له، وأن في اليهود والكفار والفساق واللئام من يزيد عليه في المال، وغاية المال بلا إيمان أن يكون كقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض.

ومن أعجب برأيه الخطأ فعلاجه: أن يعلم أن جميع أهل البدع والضلال، إنما أصروا عليها، لعجبهم بآرائهم، وتعصبهم لها.

وعلاج هذا العجب أشد من علاج غيره، لأن صاحب الرأي الخطأ جاهل بخطئه، ولو عرفه لتركه، ولا يعالج الداء الذي لا يعرف، والجهل داء لا يعرف، فعسرت مداواته جدًا.

فعلاجه أبدًا أن يكون متهمًا لرأيه لا يغتر به، إلا أن يشهد له قاطع من كتاب أو سنة أو دليل عقلي صحيح.

ومن أمراض القلب: الغرور.

والغرور: هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل إليه الطبع، عن شبهة وخدعة من الشيطان.

فمن اعتقد أنه على خير إما في العاجل أو في الآجل عن شبهة فاسدة فهو مغرور، وأكثر الناس مغرورون، وإن اختلفت أصناف غرورهم، وأشدهم غرورًا الكفار .. والعصاة .. والفساق.

فالكفار منهم من غرته الحياة الدنيا، ومنهم من غرَّه بالله الغَرور كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥)} [فاطر: ٥].

فالذين غرتهم الحياة الدنيا قالوا: النقد خير من النسيئة، والدنيا نقد، والآخرة

<<  <  ج: ص:  >  >>