للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه لا يذكر الله إلا في ساعة العسرة، ولا يثوب إلى فطرته وينزع عنها ما غشاها من شوائب وانحرافات إلا في ساعة الكربة.

فإذا أمن هذا الإنسان فإما النسيان .. وإما الطغيان .. أو كلاهما.

إلا من اهتدى فبقيت فطرته سليمة حية مستجيبة في كل آن، مجلوة بجلاء الإيمان: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥)} [العنكبوت: ٦٥].

والبغي من المحرمات المهلكات، سواء كان بغيًا على النفس، خاصة بإيرادها موارد الهلكة، أو كان بغيًا على الناس بظلمهم.

وأعظم البغي وأشده، وأبشعه وأشنعه، البغي على ألوهية الله سبحانه، واغتصاب الربوبية ومزاولتها في عباده ظلمًا وعدوانًا.

والناس حين يبغون هذا البغي، يذوقون عاقبته في حياتهم الدنيا، قبل أن يذوقوا جزاءه في الآخرة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)} [يونس: ٢٣].

يذوقون هذه العاقبة فسادًا في الحياة كلها .. فلا يبقى أحد لا يشقى به .. ولا تبقى إنسانية ولا كرامة ولا فضيلة لا تضار به.

فالناس إما أن يخلصوا دينهم لله .. وإما أن يتعبدهم ويذلهم الطغاة.

فما أحسن أن يطيع العبد ربه الذي خلقه .. ولا يتعرض لسخطه بمعصيته: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨)} [النساء: ٦٦ - ٦٨].

وإذا كان الذين لا يؤمنون بهذا الحق عميًا، فإنه لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله ورسوله، ويؤمن بأن هذا القرآن وحي من عند الله، أن يتلقى في أي شأن من شئون الحياة عن أعمى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٩)} [الرعد: ١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>