للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه لا يجوز لمسلم قط يعرف هدى الله، ويعرف هذا الحق الذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقعد مقعد التلميذ، الذي يتلقى من أي إنسان لم يستجب لهذا الهدى، ولم يعلم أنه الحق، فهو أعمى بشهادة الله سبحانه، فكيف يطلب هداية الطريق من أعمى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج: ٤٦].

وأعجب العجب أن بعض الناس يزعمون أنهم مسلمون، ثم يأخذون منهج الحياة البشرية عن اليهود والنصارى، أو عن فلان أو فلان، من الذين يقول الله عنهم أنهم عمي.

إن حياة الناس لا تصلح إلا بأن يتولى قيادتها المبصرون للحق، المهتدون به، أولو الألباب الذين يعلمون أن ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، والذين يسيرون على هدى الله وحده، والذي يصوغ الحياة كلها وفق منهجه وهديه.

إنها قطعًا لا تصلح بالقيادات الجاهلية الفاجرة، الضالة العمياء، التي تخالف منهج الله الذي ارتضاه للبشرية قاطبة.

إن جميع تلك المذاهب والنظم من صنع العمي، الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد من ربه هو الحق وحده، وما سواه باطل، ولا تلتزم من ثم بعهد الله وشرعه، ولا تستقيم في حياتها على منهجه وهديه.

وآية هذا وبرهانه القاطع الساطع هو هذا الفساد الطامي، الذي يغشى ويعم وجه الأرض اليوم، لا في بلاد الكفار فحسب، بل في ديار المسلمين كذلك.

ومتى تبصر البشرية طريقها؟ .. ومتى تسعد في حياتها؟ .. ومتى ترضي ربها؟

والخلافة في هذه الأرض للعمي: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)} [الرعد: ٢٥].

واأسفاه .. لقد شقيت البشرية وقتًا طويلاً وهي تتخبط بين شتى المناهج .. وشتى الأوضاع .. وشتى الشرائع .. بقيادة أولئك العمي .. الذين يفسدون في الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>