وأما اللغو فقد رفع الله المؤاخذة به حتى يحصل عقد القلب عليه كما قال سبحانه:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[المائدة: ٨٩].
وأما سبق اللسان بما لم يرده المتكلم فهو دائر بين الخطأ في اللفظ، والخطأ في القصد، فهو أولى أن لا يؤاخذ به من لغو اليمين.
وأما الإغلاق فكل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران، والمكره والغضبان، فقد تكلم في الإغلاق.
والله سبحانه رفع المؤاخذة عن المتكلم بكلمة الكفر مكرهًا، لما لم يقصد معناها ولا نواها.
فكذلك المتكلم بالطلاق والعتاق، والوقف واليمين والنذر مكرهًا، لا يلزمه شيء من ذلك لعدم نيته وقصده، وقد أتى باللفظ الصريح، فعلم أن اللفظ إنما يوجب معناه لقصد المتكلم به.
والله سبحانه رفع المؤاخذة عمن حدث نفسه بأمر بغير تلفظ أو عمل، كما رفعها عمن تلفظ باللفظ من غير قصد لمعناه ولا إرادة، ولهذا لا يكفر من جرى على لسانه لفظ الكفر سبقًا من غير قصد لفرح إو دهشة أو نحو ذلك.
ومن غصب مالاً وبنى به مسجدًا، أو حفر به بئرًا للناس والبهائم، فهذا النفع الحاصل للناس متولد من مال هذا، وعمل هذا، والغاصب وإن عوقب على ظلمه وتعديه، واقتص للمظلوم من حسناته، فما تولد من نفع الناس بعمله له،