للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء أسقم، وإذا شاء أغنى، وإذا شاء أفقر، وإذا شاء هدى، وإذا شاء أضلَّ.

وهو الحكيم العليم الذي يضع الشيء في موضعه، وهو أعلم بمن يصلح له، ومن لا يصلح، ومن يشكر النعمة، ومن لا يشكرها.

كاشف الكربات .. ومجيب الدعوات .. ومغيث اللهفات .. وغافر الخطيات.

أحاط بكل شيء علمًا .. وأحصى كل شيء عددًا .. ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩].

إن هذا الكون العظيم هو كتاب الحق المفتوح، الذي يقرأ بكل لغة، ويدرك بكل وسيلة، ويستطيع أن يطالعه الساذج ساكن الخيمة والكوخ، وساكن العمائر والقصور.

كل يطالعه بقدر إدراكه واستعداده، فيجد فيه زادًا من الحق حين يطالعه بشعور التطلع إلى الحق، وهو قائم مفتوح كل آن: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)} [ق: ٨].

ولكن العلم الإنساني الحديث يطمس هذه التبصرة، أو يقطع تلك الوشيجة بين القلب البشري والكون الناطق المبين والخالق الحكيم، لأنه في رؤوس مطموسة، رانت عليها خرافة المنهج العلمي الوثني، الذي يقطع ما بين الكون والخلائق التي تعيش فيه: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١)} [يونس: ١٠١].

أما كتاب الله عزَّ وجلَّ الذي أنزله على رسوله، فقد جمع الله فيه علوم الأولين والآخرين، وفيه العلم الحق الذي ينبغي لكل مسلم أن يتدبره، ويعمل به، ويدعو إليه كما قال سبحانه: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)} [الأنبياء: ١٠].

والعلم الحق أن يعرف الإنسان حقيقة الارتباط بين هذا الكون وخالقه، وحقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>