للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا في بقية الأسماء يتعلمها، ويحفظها، ويعبد الله بمقتضاها: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} [الأعراف: ١٨٠].

وقد ذكرنا تفصيل العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله في الباب الأول من هذا الكتاب فليرجع إليه.

إن معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله هي الفقه الأكبر، وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة، وهي أساس دعوة الرسل، إذ لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا سعادة ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها وفاطرها ومعبودها، وأن يكون أحب إليها مما سواه، وأن تسعى فيما يقربها إليه دون سائر خلقه.

والعقول محال أن تستقل بمعرفة ذلك فاقتضت رحمة الله أن بعث الرسل إلى خلقه مبشرين ومنذرين، وبه معرفين، وإليه داعين.

وجعل لب دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة الرب المعبود بألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان:

الأول: تعريف الناس بالطريق الموصل إليه، وهو شريعته المتضمنة لأمره ونهيه.

الثاني: تعريف السالكين ما لهم بعد الوصول إليه في الآخرة، من النعيم المقيم لمن أطاعه وآمن به، والعذاب الأليم لمن كفر به وعصاه.

والله عزَّ وجلَّ رؤوف بالعباد، جواد كريم، عفو غفور، وليس العجب من مملوك فقير عاجز يتذلل لله ويتعبد له، ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه.

إنما العجب الذي يأخذ الألباب والعقول من مالك غني قادر يتحبب إلى مملوكه بصنوف إنعامه، ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه.

والله عزَّ وجلَّ محسن، والعبد مسيء أو مفرط أو مقصر، فطوبى لعبد إن آخذه ربه بذنوبه رأى عدله، وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله.

وإن عمل حسنة رآها من منَّته، وإن عمل سيئة رآها من تخلِّيه عنه وخذلانه له.

<<  <  ج: ص:  >  >>