أما من حصّل العلم وهو رديء الأخلاق، فما أبعده عن العلم الحقيقي النافع الجالب للسعادة في الدنيا والآخرة.
فإن من أوائل ذلك العلم أن يظهر أن في الطاعات والحسنات أرباحاً عظيمة، وأن في المعاصي سموماً قاتلة مهلكة.
وهل رأيت من يتناول سماً مع علمه بكونه سماً قاتلاً؟.
إنما الذي نسمعه من المترسمين معلومات جمعوها في أذهانهم، لم تنزل في قلوبهم، ولم تظهر على جوارحهم، وإن نطقت بها أفواههم.
فهي حديث يلفقونه بألسنتهم، يقولونه هنا مرة، وهناك مرة وليس ذلك من العلم في شي: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (١٤٣)} [النساء: ١٤٢، ١٤٣].
فالفقه في الدين أصله وأساسه العلم بالله وأسمائه وصفاته، والعلم بدينه وشرعه، ومصدر ذلك القرآن الكريم، والسنة النبوية، ففيهما الهدى والشفاء والعلم والنور، والسعادة والفلاح: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨)} [التغابن: ٨].