للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدعوهم إلى منهج للحياة ومنهج للفكر يطلقهم من كل قيد إلا ضوابط الفطرة التي فطر الناس عليها.

ويدعوهم إلى القوة والعزة والاستعلاء بعقيدتهم ومنهجهم، والانطلاق في الأرض كلها لتحرير الإنسان بجملته، وإخراجه من ذل عبودية العباد إلى عز عبودية الله وحده.

ويدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله لتقرير ألوهية الله سبحانه في الأرض وفي حياة الناس، وتحطيم ألوهية العبيد التي قهروا بها العباد وأضلوهم وأفسدوهم.

ذلك مجمل ما جاءت به السنة، ومجمل ما يدعو إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو دعوة إلى الحياة الطيبة في كل شيء.

والله يأمرنا أن نستجيب له طائعين مختارين، وإن كان الله سبحانه قادراً على قهر الناس على الهدى لو أراد، فإنه وحده الذي يحول بين المرء وقلبه، ويصرفه كيف شاء، ويقلبه كما يريد، وصاحبه لا يملك منه شيئاً، وهو قلبه الذي بين جنبيه.

إنها صورة تستوجب اليقظة الدائمة، والحذر الدائم، لخلجات القلب، والحذر من كل هاجسة فيه؛ لئلا ينزلق فيما حرَّم الله.

والتعلق الدائم بالله سبحانه مخافة أن يقلب هذا القلب في غفلة من غفلاته.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - المعصوم يكثر من دعاء ربه بقوله: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» أخرجه أحمد والترمذي (١).

فكيف بنا ونحن غير مرسلين ولا معصومين؟ .. فالقلوب كلها بيديه سبحانه، والناس محشورون إليه، فلا مفر لأحد.

ومع هذا الله يدعونا للاستجابة إليه استجابة الحر المأجور، لا استجابة العبد المقهور.


(١) صحيح: أخرجه أحمد برقم (١٢١٣١).
وأخرجه الترمذي برقم (٣٥٢٢)، صحيح سنن الترمذي برقم (٢٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>