والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المبلغ عن ربه ما يوحى إليه، والذي أوحي إليه هو الكتاب والحكمة، والحكمة هي ثمرة هذا الكتاب، وهي مكملة للكتاب في بيان أحكام الدين.
والسنة في الجملة موافقة للقرآن الكريم تؤكد ما جاء فيه، وتفسر مبهمه، وتفصل مجمله، وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتشرح أحكامه، وتزيد أحياناً على ما جاء فيه كما سبق.
والأحكام التي استقلت بها السنة لا تقل في المنزلة عن الأحكام التي جاء بها القرآن، فكلاهما وحي من عند الله كما قال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤].
والأحاديث النبوية هي مفتاح العلوم الشرعية، ومشكاة الأدلة السمعية، وكشاف المسائل العلمية والعملية، تتفجر منها ينابيع الحكم، وتدور عليها رحى الشرع بالأثر.
وهي ملاك كل أمر ونهي، ولولاها لقال من شاء ما شاء، وخبط الناس خبط عشواء، وركبوا فتناً عمياء.
وللسنة أن تنفرد في التشريع حين يسكت القرآن عن التصريح، ولها أن تقوم بوظيفة البيان حين يترك لها التفصيل والتوضيح، فالشرع الإسلامي قائم على أصلين هما الكتاب والسنة.
وقد فرض الله على الناس الإيمان به وبرسوله، واتباع وحيه وسنن رسوله، وطاعته وطاعة رسوله كما قال سبحانه: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)} [الأعراف: ١٥٨].
فالقرآن والسنة هما الإمام الذي يقتدى به، والنور الذي يهتدى به، والحبل الذي يعتصم به، والمنهل الذي يستشفى به.
فمن لم يرضع من درهما، ولم يغرف من بحورهما، ولم يقطف من أزهارهما، ولم يستضيء بنورهما، ولم يرتع في رياضهما، فقد حرم من موائد الإكرام من