أما العقوبة المضاعفة التي ورد التهديد بها في حق أولئك إن وقع منهم ما يكره كما قال سبحانه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (٧٥)} [الإسراء: ٧٤، ٧٥].
وآدم - صلى الله عليه وسلم - لم يسامح بلقمة واحدة، وكانت سبب إخراجه من الجنة كما قال سبحانه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١)} [طه: ١٢١].
فتلك العقوبة عين الحكمة.
فإن من كملت عليه نعمة الله، وأكرمه الله بما لم يكرم به غيره، وحبي بالإنعام وخص بالإكرام، وتميز بمزيد القرب من ربه، وجعل في منزلة الولي الحبيب، اقتضت حاله من حفظ مرتبة الولاية والقرب والاختصاص، بأن يراعي مرتبته من أدنى مشوش وقاطع.
فلشدة الاعتناء به، ومزيد تقريبه، واصطناعه لنفسه، واصطفائه على غيره، تكون حقوق وليه وسيده عليه أتم، ونعمته عليه أكمل.
والمطلوب منه فوق المطلوب من غيره، فهو إذا غفل وأخل بمقتضى مرتبته نبه بما لم ينبه عليه البعيد، مع كونه كذلك يسامح بما لم يسامح به ذلك أيضاً.
فاجتمع في حقه الأمران:
فإن الملك يسامح خاصته وأولياءه بما لم يسامح به من ليس في منزلتهم، ويأخذهم ويؤدبهم بما لم يأخذ به غيرهم كما قال سبحانه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١، ١٢٢].
وكل مؤمن يرى أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، ولكن رؤية أهل العلم له لون، ورؤية غيرهم له لون آخر كما قال سبحانه: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)} [سبأ: ٦].
فرؤية العلماء أعظم وأكمل من غيرهم لعلمهم بصدق من أخبر به، ومن جهة