والفقه في الدين من أفضل الأعمال، يعطيه الله من يعلم صلاحيته له، وجاهد من أجله كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» متفق عليه (١).
والإسلام جاء ليكمل مكارم الأخلاق، وهذه الأخلاق الحسنة لا بدَّ من صيانتها في الأمة.
وصيانة الأخلاق وتنفيذ الأحكام وإقامة الحدود تتطلب سلطة تنفيذية، وعقوبات تشريعية؛ لأن أحداً لا يستجيب لكلمات طائرة في الهواء، ليس وراءها سلطة تنفيذية، وعقوبات تأديبية.
وكل يصرخ ولكن لا يستجيب لهم أحد؛ لأن أحداً لا يستجيب لعقيدة ورسالة ضائعة، ليس وراءها سلطة تحميها، وتنفذ أحكامها وشرائعها.
فحفاظ الحديث هم الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله، حتى ورد من سبقت له من الله الحسنى تلك المناهل صافية من الأدناس، يشرب بها عباد الله، يفجرونها تفجيراً.
وفقهاء الإسلام هم الذين خصهم الله باستنباط الأحكام، واعتنوا بضبط قواعد
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧١)، ومسلم برقم (١٠٣٧).