للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)} [يوسف: ٢٤].

والصبر على أداء الطاعات أكمل من الصبر على اجتناب المحرمات وأفضل، فإنّ فعل الطاعة أحب إلى الله من ترك المعصية، وعدم الطاعة أبغض إليه وأكره من وجود المعصية.

والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وهو على ثلاثة أنواع: صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله.

فالأول: الاستعانة بالله ورؤيته أنه هو المصبر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه كما قال سبحانه: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧].

والثاني: الصبر لله وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله، وإرادة وجهه، والتقرب إليه، لا لإظهار قوة النفس، أو طلب حمد الخلق ونحو ذلك، فإن الصبر عمل، والعمل لا بدَّ أن يكون خالصاً لله.

والثالث: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية، صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها، مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها حيث نزلت، قد جعل نفسه وقفاً على محاب ربه وأوامره.

وهذا أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين، فالصبر من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد وهو الثبات مع الله، وتلاقي بلائه بالرحب والسعة، والثبات على أحكام الكتاب والسنة حتى يلقى ربه.

والصبر أكبر عون للعباد على جميع الأمور كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)} [البقرة: ١٥٣].

والذي يعين على الصبر أمور أهمها:

الأول: معرفة العبد ما في الطاعات من زيادة الإيمان وصلاح القلوب.

الثاني: معرفة العبد ما في المحرمات والمعاصي من الضرر والرذائل، وما توجبه من العقوبات في الدنيا والآخرة.

الثالث: معرفة العبد ما في أقدار الله من البركة والحكمة والرحمة، وما لمن قام

<<  <  ج: ص:  >  >>