بالصبر عليها من الأجور كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر: ١٠].
الرابع: معرفة العبد أن محبة الله معه كلما اتقى وصبر كما قال سبحانه: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)} [الأنفال: ٤٦].
ومن كان الله معه فكل شيء معه، فكيف لا يجاهد المسلم نفسه على الصبر وهذه أجوره وبركاته ومنافعه؟
فبالصبر يسهل على العبد القيام بالطاعات، وأداء حقوق الله، وأداء حقوق عباده، وترك ما تنهاه نفسه من المحرمات، وبذلك يهون عليه الصبر عن جميع الشهوات، وجميع الشدائد في الأقدار والأوامر.
والصبر على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: الصبر عن المعصية بمطالعة الوعيد، إبقاء على الإيمان، وحذراً من الحرام، وأحسن منها الصبر عن المعصية حياءً.
فالإبقاء على الإيمان يبعث على ترك المعصية؛ لأنها لا بدَّ أن تنقصه أو تذهب بهجته، أو تطفئ نوره، أو تضعف قوته.
وأما الحذر من الحرام فهو الصبر عن كثير من المباح حذراً من أن يسوقه إلى الحرام والشبهات.
والحياء يبعث عليه قوة المعرفة بالله، ومشاهدة معاني الأسماء والصفات.
وأحسن من ذلك أن يكون الباعث عليه وازع الحب، فيترك معصيته محبة له، وصاحب الحياء أحسن حالاً من أهل الخوف؛ لأن في الحياء من الله ما يدل على مراقبته، وحضور القلب معه، ولأن فيه من تعظيم الله وإجلاله سبحانه ما ليس في وازع الخوف.
فَمَنْ وازعه الخوف قلبه حاضر مع العقوبة، ومن وازعه الحياء قلبه حاضر مع الله، والخائف مراع جانب نفسه وحمايتها، والمستحي مراع جانب ربه، وملاحظة عظمته، وكلا المقامين من مقامات أهل الإيمان.