بالشكر هو الإنسان نفسه، كما أنه المتضرر بالكفر كما قال سبحانه: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠)} [النمل: ٤٠].
ولكنه سبحانه يحب أن يحمد ويشكر، ويكره أن يكفر به وبنعمته كما قال سبحانه: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: ٧].
والكفر بنعم الله مؤذن بزوالها عمن كفر بها كما قال سبحانه: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢)} [النحل: ١١٢].
والله حكيم في عطائه، وحكيم في منعه، وله الحمد على هذا وهذا، وهو الحكيم العليم.
ومن أسماء الله عزَّ وجلَّ الشاكر والشكور كما قال سبحانه: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (١٤٧)} [النساء: ١٤٧].
وقال سبحانه: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧)} [التغابن: ١٧].
وشكر الرب تعالى ليس كشكر المخلوق، بل له شأن آخر كشأن صبره سبحانه، فهو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة.
فإنه يعطي العبد، ويوفقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء، فلا يستقله أن يشكره.
ويشكر الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
ويشكر عبده بأن يثني عليه في الملأ الأعلى، وبين ملائكته.
ويلقي له الشكر بين عباده، ويشكره بفعله، فإذا ترك شيئاً لله أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئاً، رده عليه أضعافاً مضاعفة، وهو سبحانه الذي وفقه للترك والبذل، وشكره على هذا وعلى هذا.
فسليمان - صلى الله عليه وسلم - لما عقر الخيل التي أشغلته عن ذكر ربه أعاضه عنها متن الريح.
ولما احتمل يوسف - صلى الله عليه وسلم - ضيق السجن شكر الله له ذلك بأن مكن له في الأرض