ولما بذل الرسل والمؤمنون أعراضهم في الله لأعدائهم فنالوا منهم وسبوهم أعاضهم من ذلك بأن صلى عليهم هو وملائكته.
ولما ترك الصحابة رضي الله عنهم ديارهم وخرجوا منها في مرضاته أعاضهم عنها أن ملَّكهم الدنيا، وفتحها عليهم.
ومِنْ شكره سبحانه أن يجازي عدوه بما يفعله من الخير والمعروف في الدنيا بأن يخفف به عنه يوم القيامة، فلا يضيع عليه ما يعمله من الإحسان وهو من أبغض خلقه إليه.
ومن شكره سبحانه أنه غفر للمرأة البغي بسقيها كلباً قد جهده العطش حتى أكل الثرى، وغفر لآخر بتنحيته غصن شوك عن طريق الناس.
وهو سبحانه يشكر العبد على إحسانه لنفسه، والمخلوق إنما يشكر من أحسن إليه، وأعظم من ذلك أنه سبحانه هو الذي أعطى العبد ما يحسن به إلى نفسه، وشكره على قليله بالأضعاف المضاعفة.
فهو سبحانه المحسن بإعطاء الإحسان وإعطاء الشكر، فمن أحق باسم الشكور منه سبحانه؟.
وشكره سبحانه يأبى تعذيب عباده بغير جرم، كما يأبى إضاعة سعيهم باطلاً، فالشكور لا يضيع أجر محسن، ولا يعذب غير مسيء كما قال سبحانه: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (١٤٧)} [النساء: ١٤٧].
ومن شكره سبحانه أنه يخرج العبد من النار بأدنى مثقال ذرة من إيمان، ولا يضيع عليه هذا القدر.
ومن شكره سبحانه أن العبد من عباده يقوم له مقاماً يرضيه بين الناس فيشكره وينوه بذكره، كما شكر لصاحب ليس مقامه، ودعوته إليه.
ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة كان أحب خلق إليه من اتصف