والخوف متعلق بالذنب، ولا يخرج عن كون سببه جناية العبد، فهي سبب المخافة.
فإن قيل: ما وجه خوف الملائكة وهم معصومون من الذنوب التي هي سبب المخافة؟، وشدة خوف النبي - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
قيل: إن هذا الخوف على حسب القرب من الله، والمنزلة عنده، وكلما كان العبد أقرب إلى الله كان خوفه منه أشد؛ لأنه يطالب بما لا يطالب به غيره، ويجب عليه ما لا يجب على غيره كما قال سبحانه عن الملائكة: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩)} [النحل: ٤٩].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أمَا والله إِنِّي لأخْشَاكُمْ لله وَأتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أصُومُ وَأفْطِرُ، وأُصَلِّي وَأرْقُدُ، وَأتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» متفق عليه (١).
وأيضاً فإن العبد إذا علم أن الله سبحانه وتعالى هو مقلب القلوب، وأنه يحول بين المرء وقلبه، وأنه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وأنه يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فما يؤمنه أن يقلب الله قلبه ويحول بينه وبينه، ولولا خوف
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٠٦٣) واللفظ له، ومسلم برقم (١٤٠١).