للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، فكيف يُخاف ويُرجى من لا حول له ولا قوة؟

بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان، ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه، فعلى قدر خوف العبد من غير الله يسلط عليه، وعلى قدر رجائه لغيره يكون الحرمان.

وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن ولو اجتمعت لتكوينه الخليقة.

ومن خاف الله أمن من كل شيء، ومن خاف غير الله أخافه الله من كل شيء، وما خاف أحد غير الله إلا لنقص خوفه من الله.

ووجل القلب يحصل للعبد بمعرفة عظمة الله وجلاله وكبريائه، ثم معرفة عظمة أسماء الله وصفاته، ثم معرفة عظمة كلام الله، ثم معرفة عظمة أوامر الله، ثم معرفة عظمة ثوابه وعقابه.

فإذا عرف العبد ذلك سارع لطاعة ربه وامتثال أوامره.

فسبحانه من إله ما أعظمه .. وما أعظم أسماءه وصفاته وأفعاله .. وما أعظم كلامه .. وما أعظم دينه وشرعه: {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: ٦٨].

وخوف الناس قسمان:

أحدهما: خوف عبادة وتذلل وتعظيم، وهذا لا يصلح إلا لله سبحانه، فمن خاف من الأصنام، أو الأموات، أو الأولياء، أو مخلوق مثل هذا الخوف فهو مشرك شركاً أكبر.

الثاني: الخوف الطبيعي والجبلي، فهذا إن حمل على ترك واجب، أو فعل محرم، فهو محرم، وإن استلزم شيئاً مباحاً فهو مباح.

والخشية نوع من الخوف لكنها أخص منه، والفرق بينهما:

أن الخشية تكون مع العلم بالمخشي منه وحاله كقوله سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>