يرجو حصولها ودوامها، وقرب من الله، ومنزلة عنده يرجو وصوله إليها، ولا ينفك أحد عن هذه الأمور أو بعضها.
والرجاء من الأسباب التي ينال بها العبد ما يرجوه من ربه، بل هو من أقوى الأسباب، فالراجي راغب وراهب، ومؤمل لفضل ربه، وحسن الظن به، متعلق الأمل، ببره وجوده، عابد له بأسمائه الحسنى كالبر والكريم، والجواد والوهاب، والمعطي والرزاق، والحليم والغفور.
والله سبحانه يحب من عبده أن يرجوه، ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨)} [البقرة: ٢١٨].
وليس في الرجاء ولا في الدعاء معارضة لتصرف المالك سبحانه في ملكه، فإن الراجي إنما يرجو تصرفه في ملكه بما هو أولى وأحب الأمرين إليه.
فإن الفضل والإحسان أحب إليه من العدل، والعفو أحب إليه من الانتقام، والمسامحة أحب إليه من الاستقصاء، والترك أحب إليه من الاستيفاء، ورحمته سبقت غضبه.
فالراجي علق رجاءه بتصرفه المحبوب له، المرضي له، وإذا تعلق الراجي بمراده دون مراد سيده فهو إنما علقه بمراده المحبوب له، هارباً من مراده المكروه له، وعلى تقدير أن يكون محبوباً له إذا كان انتقاماً فالعفو والفضل أحب إليه منه، فهو إنما علق رجاءه بأحب المرادين إليه.
وليس الدعاء والرجاء اعتراضاً على ما سبق به القدر، بل تعلقاً بما سبق به الحكم، فإنه إنما يرجو فضلاً وإحساناً ورحمة سبق بها القضاء والقدر، وجعل الرجاء أحد أسباب حصولها للعبد.
أما فوائد الرجاء:
فالرجاء يبرد حرارة الخوف التي قد تصل بصاحبها إلى اليأس.
وفيه إظهار العبودية والفاقة والحاجة إلى ما يرجوه من ربه بسؤاله.