للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)} [الأنبياء: ٦٣ - ٦٥].

فلما أقروا بعجز أصنامهم وأنها لا تتمكن من الدفاع عن نفسها لا بالقول ولا بالفعل: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٧)} [الأنبياء: ٦٦،٦٧].

فلما عجزوا عن محاجة إبراهيم أرادوا إظهار الغلبة بأي وجه كان، بالانتقام ممن فعل بأصنامهم ما فعل: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨)} [الأنبياء: ٦٨].

فتوجه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه، فأمر الله النار فوراً أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} [الأنبياء: ٦٩].

فأحبط الله كيدهم، وأنجى إبراهيم إلى الأرض المباركة في الشام، ورزقه إسحاق، ويعقوب نافلة، وجعل الجميع هداة ودعاة إلى دينه، يعبدون الله ويفعلون الطاعات، ويجتنبون ما نهاهم الله عنه كما قال سبحانه: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣)} [الأنبياء: ٧٠ - ٧٣].

ثم جعل الله الأنبياء بعد إبراهيم من نسله، وشرفه ببناء البيت مع ابنه إسماعيل كما قال سبحانه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)} [البقرة: ١٢٧].

وجعل سيد الأنبياء محمداً - صلى الله عليه وسلم - من نسله، حيث دعا ربه بقوله: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)} [البقرة: ١٢٩].

وجعل ملته وشريعته ديناً يقتدى به من بعده، ولا يعرض عنه إلا من سفه نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>