وفي زمن إبراهيم عاش لوط - صلى الله عليه وسلم -، وقد أرسله الله إلى القرية التي كانت تعمل الخبائث فماذا قال لهم: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١)} [الأعراف: ٨٠،٨١].
والإسراف الذي يدمغهم به لوط - صلى الله عليه وسلم - هو الإسراف في تجاوز منهج الله، المتمثل في الفطرة السوية، والإسراف في الطاقة التي وهبهم الله إياها؛ لأداء دورهم في امتداد البشرية ونمو الحياة.
فإذا أراقوها في غير موضع الإخصاب فهي مجرد شهوة شاذة؛ لأن الله جعل لذة الفطرة الصادقة في تحقيق سنة الله الطبيعية.
ويتجلى الانحراف مرة أخرى في جوابهم لنبيهم: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢)} [الأعراف: ٨٢].
إن فطرة الإنسان إذا انحرفت رأت الحق باطلاً، والباطل حقاً، والقذر نظيفاً، والخبيث طيباً، والنجس طاهراً.
من يتطهر يخرج من القرية إخراجاً، ليبقى فيها المدنسون الملوثون، إنها الجاهلية التي لا تطيق أن ترى المتطهرين، وترحب بأهل الأدناس والأقذار والنجاسة.
فماذا فعل الله بهؤلاء المفسدين؟، وماذا حل بديارهم؟.