للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والماء الدافق لتطهير الأرض من ذلك الدنس الذي كانوا فيه، والوحل الذي عاشوا وماتوا فيه، وأنجى الله لوطاً وأهله إلا امرأته، ودمر العصاة الفاسقين كما قال سبحانه: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)} [الأعراف: ٨٣،٨٤].

ثم سارت عجلة الزمن فجاءت أمة أخرى، ولها صفحة من صحائف الأقوام المكذبة بما فيها من إنذار وتكذيب وإهلاك، وهم مدين الذين أرسل الله إليهم رسوله شعيباً، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٨٥].

وقد جاءهم ببينة من ربه تثبت أنه مرسل من عند الله، ويدعوهم إلى توفية الكيل والميزان، والنهي عن الفساد في الأرض، والكف عن قطع الطريق على الناس، وعن فتنة المؤمنين عن دينهم كما قال شعيب لقومه: {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: ٨٥،٨٦].

وقوم شعيب كانوا مشركين بالله، لا يعبدون الله وحده، وكانوا لا يرجعون في معاملاتهم إلى شرع الله العادل، مع إفسادهم في الأرض، وقطع الطريق على سواهم.

فبدأ شعيب بدعوتهم إلى عبادة الله وحده، وإقرار منهج الله وحده في حياتهم، ويذكرهم بنعم الله عليهم، ويخوفهم عاقبة المفسدين من قبلهم فيقول لهم:

{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦)} [الأعراف: ٨٦].

كذلك يطلب منهم العدل وسعة الصدر، فلا يفتنون المؤمنين عن دينهم الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>