للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل ذلك ثمرة الإيمان ومراقبة الله، واستحضار علمه في كل مكان وزمان.

وكانوا قبل هذا الإيمان في فوضى من الأخلاق والسلوك والأفعال، والشرك، والظلم والفساد، لا يخضعون لسلطان، ولا يقرون بنظام، يسيرون على الأهواء، ويركبون العمياء، ويخبطون خبط عشواء.

فأصبحوا الآن في حظيرة الإيمان والعبودية لا يخرجون منها، واعترفوا لله بالملك والسلطان، والأمر والنهي، والتحليل والتحريم، بالعبودية لله، والطاعة المطلقة لله ورسوله، واستسلموا لربهم، وأصبحوا عبيداً لا يملكون مالاً ولا نفساً، ولا تصرفاً في الحياة إلا ما يأذن الله به ويسمح به.

لا يحاربون ولا يصالحون إلا بإذن الله، ولا يرضون ولا يسخطون ولا يعطون ولا يمنعون، ولا يَصِلون ولا يقطعون إلا بإذن الله وفق أمره.

هذا الإيمان الذي انطبع في قلوب الجماعة التي اختارها الله لقيادة البشر ودعوتها بهذه العقيدة.

ومن مقتضيات هذا الإيمان التوكل على الله، فالإيمان بالله وحده يقتضي التوكل عليه وحده دون سواه، وهذا الشعور ضروري لكل مؤمن، كي يقف رافع الرأس، لا يحني رأسه إلا لله، مطمئن القلب بالله، لا يرجو ولا يرهب أحداً إلا الله.

فهذا هو التوحيد في أكمل صوره، إيمان بالله وأسمائه وصفاته، ويقين أنه لا يستطيع أحد في هذا الوجود أن يفعل شيئاً إلا بمشيته، وأنه لا يقع شيء إلا بإذنه، ومن ثم يقصر توكله على ربه، ولا يتوجه المؤمن في فعل ولا ترك لمن عداه، وطهارة القلب ونظافة السلوك من كبائر الإثم والفواحش أثر من آثار الإيمان الصحيح، وضرورة من ضرورات القيادة الراشدة.

وما يبقى قلب على صفاء الإيمان ونقاوته وهو يقدم على كبائر الذنوب والمعاصي ولا يتجنبها، وما يصلح قلب للقيادة وقد فارقه صفاء الإيمان، وطمسته المعصية، وذهبت بنوره السيئات.

<<  <  ج: ص:  >  >>