للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغضبه شيء، ولكن هذه درجة عالية، لم يكلف الله نفوس المؤمنين إياها وإن كان يحببهم فيها، إنما يكتفي منهم بالمغفرة عند الغضب، والعفو عند القدرة، ما دام الأمر متعلقاً بالأشخاص.

ومن صفاتهم الاستجابة لربهم في كل أمر كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨)} [الشورى: ٣٨].

فأزالوا العوائق التي تقوم بينهم وبين ربهم، تلك العوائق الكامنة في النفس التي تمنع الوصول إلى ربها، وما يقوم بين النفس وربها إلا عوائق من نفسها، عوائق من شهواتها ونزواتها.

فإذا خلصت من هذا كله، وجدت الطريق إلى ربها مفتوحاً وموصولاً، وحينئذ تستجيب بلا عائق، ولا تقف أمام كل تكليف بعائق من هوى يمنعها أو شهوة تقعدها، وهذه هي الاستجابة، ومن صورها: (وأقاموا الصلاة) وللصلاة في هذا الدين مكانة عظمى، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي صورة الاستجابة الأولى لله، وهي الصلة بين العبد وربه، وهي مظهر المساواة بين العباد في الصف الواحد ركعاً وسجداً لله، لا يرتفع رأس على رأس، ولا تتقدم رِجل على رِجل، ولا يعلو صوت على صوت.

ومن صفات هؤلاء الأخيار: أن أمرهم كله شورى بينهم، فقد تحملوا مسؤولية الدين، وإقامة الدين، والعمل بالدين، وتعليم الدين، والدعوة إلى الدين، وكل هذه أمور عظام تحتاج إلى عقول تفكر وتشاور، ثم تسمع وتطيع، ثم تباشر العمل في الميدان، فالشورى طابع الجماعة الإسلامية التي أمرها الله بإبلاغ دينه، وتوجيه العباد إلى ربهم، إن الشورى طابع ذاتي للحياة الإسلامية، وسمة مميزة للجماعة الإسلامية المختارة لهداية البشرية وقيادتها.

والشورى من ألزم وأهم صفات القيادة والدعوة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه في أمر الدين ونشره، وقد أمره ربه بذلك كما قال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>