ويؤكد هذه القاعدة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠)} [الشورى: ٤٠].
مقابلة السيئة بالسيئة كي لا يتبجح الشر ويطغى حين لا يجد رادعاً يكفه عن الإفساد في الأرض، فيمضي وهو آمن مطمئن.
هذا هو الأصل مع استحباب العفو ابتغاء وجه الله، وإصلاح النفس من الغيظ، وهو استثناء من تلك القاعدة.
والعفو لا يكون إلا مع المقدرة على جزاء السيئة بالسيئة، فهناك يكون للعفو وزنه ووقعه في إصلاح المعتدي والمسامح سواء.
فالمعتدي حين يشعر بأن العفو جاء سماحة، ولم يجيء ضعفاً يخجل ويستحي،
والقوي الذي يعفو تصفو نفسه وتعلو، فالعفو عندئذ خير لهذا وهذا، ولا كذلك عند الضعف والعجز.
أما العفو عند العجز فهو شر يُطمع المعتدي، ويذل المعتدى عليه، وينشر البغي والفساد في الأرض.
والذي ينتصر بعد ظلمه، ويجزي بالسيئة السيئة، ولا يعتدي، ليس عليه من جناح، وهو يزاول حقه المشروع، فما لأحد عليه من سلطان، ولا يجوز أن يقف في طريقه أحد.
إنما الذين يجب الوقوف في طريقهم هم الذي يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢)} [الشورى: ٤١،٤٢].
إن الأرض لا تصلح وفيها ظالم لا يقف له الناس؛ ليكفوه ويمنعوه من ظلمه، وفيها باغ يجور ولا يجد من يقاومه ويقتص منه.
والله عزَّ وجلَّ يتوعد الظالم الباغي بالعذاب الأليم، ولكن على الناس كذلك أن يقفوا له، ويأخذوا عليه الطريق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute