للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنتم لا تعلمون: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} [الأنفال: ٢٣].

والله سبحانه ذو فضل على العالمين .. خلقنا بمنِّه وكرمه في أحسن تقويم .. وهدانا بإعطاء الحواس الخمس الظاهرة والباطنة .. ثم هدانا بنصب الدلائل الكونية والنفسية الدالة على كمال قدرته وعظمته .. ثم هدانا بإرسال الرسل .. وإنزال الكتب .. وأنعم علينا بآلات العلم من السمع والبصر والعقل .. ثم هدانا أعظم هداية بكشف الحجاب عن الحق والباطل .. فظهر الحق حقاً .. وظهر الباطل باطلاً .. ثم أعاننا ووفقنا للعمل بالحق وترك الباطل .. ثم وفقنا لتعليم الحق والدعوة إليه وأعاننا على ذلك.

فلله المنَّة والفضل، وله الحمد والشكر: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لا مَانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ» أخرجه مسلم (١).

وللحصول على الهداية لا بد من الجهد، والجهد في الدين على ثلاثة أقسام:

١ - جهد على النفس فقط، وهذا جهد الصالحين.

٢ - جهد على النفس والقرابة أو العشيرة أو القوم، وهذا جهد المرسلين.

٣ - جهد على النفس وعلى عموم البشرية وهذا أعلاها وهو جهد سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وهو مطلوب من كل مسلم ومسلمة.

وكل عبد مضطر إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم، فعليه أن يطلب الهداية من ربه، فإنه لا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الهداية.

فمن فاتته فهو إما من المغضوب عليهم، الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به وإما من الضالين الذين عرفوا الحق وضلوا عنه، وهذا الهدى لا يحصل إلا بهدى


(١) أخرجه مسلم برقم (٤٧٧)، (٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>