للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)} [الأعراف: ١٧٨].

والصراط المستقيم: أن يفعل العبد في كل وقت ما أُمر به في ذلك الوقت من علم وعمل، ويجتنب ما نهي عنه، فهو محتاج لحصول ذلك له إلى طلب الهداية في كل وقت، والحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى طلب النصر والرزق.

وأعظم نعم الله على عباده نعمة الهداية إلى الدين، والذي يستخدمه الله لدينه والدعوة إليه، هو الذي لم تبق عنده أي عاطفة غير عاطفة الهداية، فلا تكون عاطفته الكبرى إلا للدين وهداية الناس، ولكن هذه العاطفة لا تأتي إلا بالتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله.

وكمال التضحية من أجل الدين يتم بسبعة أمور:

التضحية بالنفس .. والأهل .. والوقت .. والمال .. والجاه .. والدار .. والشهوات .. كما فعل ذلك الأنبياء والصحابة.

فمن ضحى بكل ذلك من أجل الدين هداه الله وجعله سبباً لهداية الناس كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].

ومن رحمة الله بعباده ولطفه بهم أن جعل طرق الهداية كثيرة متنوعة، لتفاوت عقول الناس وأذهانهم وبصائرهم.

فمنهم من يهتدي فوراً بنفس ما جاء به وما دعا إليه الرسول أو الداعي من غير أن يطلب منه برهاناً خارجاً عن ذلك، كحال الكُمَّل من الصحابة كالصديق - رضي الله عنه -.

ومنهم من يهتدي بمعرفته بحال الرسول أو الداعي، وما فطر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأن عادة الله ألا يخزي من قامت به تلك الأوصاف كما قالت خديجة رضي الله عنها للرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>