للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزاء العادل في نهاية المطاف.

والناس في استقبال الوحي الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فريقان:

فريق حي وأجهزة الاستقبال فيه حية عاملة مفتوحة، وهؤلاء يستجيبون للهدى، فهو عندها من القوة والوضوح بحيث يكفي أن تسمعه وتستجيب له فوراً.

وفريق ميت معطل الفطرة، لا يسمع ولا يستقبل، ومن ثم لا يتأثر ولا يستجيب، ليس الذي ينقصه أن هذا الحق لا يحمل دليله، فدليله كامن فيه، إنما الذي ينقص هذا الفريق من الناس هو حياة الفطرة، وقيام أجهزة الاستقبال فيها بمجرد التلقي.

وهؤلاء لا حيلة للرسول فيهم، ولا مجال معهم للبرهان، إنما يتعلق أمرهم بمشيئة الله، إن شاء بعثهم فسمعوا واستجابوا، وإن شاء لم يبعثهم في هذه الدنيا: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦)} [الأنعام: ٣٦].

والله سبحانه هو الهادي، وهدى الله هو الهدى، والإنسان بل البشرية كلها كلما تركت هذا الهدى، أو انحرفت عن شيء منه، أو استبدلت به شيئاً من عند أنفسها، كلما تخبطت في التيه، وركبت الشقاء، وضلت عن سواء السبيل.

وقد وهب الله الإنسان القدرة على التعرف على بعض ما في الكون، وبعض طاقاته وقواه، للانتفاع بها في خلافته في الأرض، وترقية هذه الحياة لنفع البشرية وفق الشرع الإلهي.

لكن هذا الإنسان ذاته غير موهوب من الله القدرة على معرفة الحقائق المطلقة في هذا الكون، ولا على الإحاطة بأسرار الغيوب التي تلفه من كل جانب، ومنها غيب عقله وروحه، بل غيب وظائف جسمه، وما يدفعه للعمل بهذا الانتظام، وهذا الاتجاه.

ومن ثم يحتاج هذا الإنسان إلى هدى الله في كل ما يختص بوجوده وحياته، من عقيدة وخلق، وشعائر وشرائع، تملأ حياته بمنهج ربه وهداه.

وكلما فاء هذا الإنسان إلى هدى ربه اهتدى؛ لأن هدى الله هو الهدى كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>