للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٧١)} [الأنعام: ٧١].

وكلما بعد الإنسان كلية عن هداه، أو انحرف بعض الانحراف، واستبدل به شيئاً من عنده ضل، وماذا بعد الحق إلا الضلال.

لهذا فلا بدَّ لكل إنسان يريد السعادة في الدنيا والآخرة أن يستسلم لرب العالمين، فهو وحده الذي استسلم له العالمون، فالعوالم كلها في العالم العلوي، والعالم السفلي، كلها مستسلمة له، منقادة له، خاضعة له، مطيعة له.

فما الذي يجعل الإنسان يشذ من بين العالمين عن الاستسلام لهذا الرب الذي أسلم له من في السموات ومن في الأرض؟.

والإنسان في تركيبه العضوي مستسلم لربه، فهو مضطر في وجوده وبقائه ورزقه إلى ربه، كما استسلمت لربه كافة المخلوقات فهو الملك: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣)} [آل عمران: ٨٣].

فلم يبق للإنسان إلا أن يستسلم في الجانب الذي ترك له الخيار فيه ليبتلى فيه، وهو جانب الاختيار فيه، اختيار الهدى أو الضلال، ولو استسلم فيه استسلام كيانه العضوي لاستقام أمره، وانتظم تكوينه وسلوكه، وسعد جسمه وروحه، وأفلح في دنياه وآخرته.

وكيف لا يستسلم العبد لربه، وهو الذي تحشر إليه الخلائق، فأولى له أن يقدم بين يدي الحشر ما ينجيه، وأن يستسلم له اليوم استسلام العالمين، قبل أن يقف وإياهم أمامه مسؤولين.

وجميع أبواب السعادة في الدنيا والآخرة مقفلة عن جميع البشرية إلا عن أهل الإيمان والتقوى فهي مفتوحة لهم كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>