وتفويت الجهاد مع المؤمنين، وربما ظاهر الكفار على المؤمنين، ولا يستثنى من ذلك إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين لا قدرة لهم على الهجرة، ولا يهتدون سبيلاً، فهؤلاء عسى الله أن يعفو عنهم ويعذرهم لعدم قدرتهم، والله تبارك وتعالى يعد كل من يهاجر في سبيل الله أنه سيجد في الأرض منطلقاً، وسيجد فيها سعة، وسيجد الله معه في كل مكان يذهب إليه، يحييه، ويرزقه، وينجيه، ويحفظه.
وقد ضمن الله الأجر لكل من هاجر إلى الله ورسوله ثم أدركه الموت قبل الوصول إلى غايته بقتل أو غيره كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)} [النساء: ١٠٠].
يوفيه الله أجره كله:
أجر الهجرة .. وأجر الوصول إلى دار الإسلام .. وأجر الحياة في دار الإسلام .. فماذا بعد ضمان الله من ضمان؟.
ومع ضمان الأجر كاملاً التلويح بالمغفرة للذنوب، والرحمة في الحساب، وكان الله غفوراً رحيماً.
إنها صفقة رابحة دون شك، يقبض فيها المهاجر الثمن كله منذ الخطوة الأولى في الهجرة.
والموت هو الموت لا يتقدم ولا يتأخر، ولا علاقة له بهجرة أو إقامة، ولو أقام المهاجر ولم يخرج من بيته لجاءه الموت في موعده، ولخسر الصفقة الرابحة فلا أجر، ولا مغفرة، ولا رحمة، بل هناك الملائكة تتوفاه ظالماً لنفسه.
والذين هاجروا من ديارهم وأموالهم، وتعروا عما يملكون، وعما يحبون من أجل الله، وتركوا الأوطان والخلان، وانتقلوا عنها لأجل طاعة الرحمن.
هؤلاء يرجون في الآخرة عوضاً عن كل ما خلفوا .. وكل ما تركوا ... وقد عانوا الظلم وفارقوه: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً