للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)} [النحل: ٤١ - ٤٢].

فذكر لهم سبحانه ثوابين:

ثواباً عاجلاً في الدنيا من الرزق الواسع والعيش الهني الذي رأوه عياناً بعدما هاجروا وانتصروا على أعدائهم وفتحوا البلدان.

والأجر الآخر أكبر وأعظم وأدوم، ويحصل عليه المؤمنون في الجنة في الآخرة كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)} [التوبة: ٢٠ - ٢٢].

إن الهجرة في سبيل الله تجرد من كل ما تهفو إليه النفس، ومن كل ما تعتز به وتحرص عليه من الأهل والأولاد، والأموال والديار، وسائر أعراض الحياة الدنيا، وإيثار العقيدة على هذا كله، ابتغاء رضوان الله، وتطلعاً إلى ما عنده، هو خير مما في الأرض جميعاً.

فالذين جمعوا بين الإيمان والهجرة، ومفارقة المحبوبات من الأهل والأموال والأوطان، طلباً لمرضاة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله، فماذا أعد الله لهؤلاء؟ .. وبماذا وعدهم؟.

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥)} [آل عمران: ١٩٥].

والإيمان والهجرة والجهاد، هذه الثلاثة هي عنوان سعادة العبد، وقطب رحي العبودية، وبها يُعرف ما مع العبد من الربح والخسران.

فأما الإيمان فلا تسأل عن فضيلته، وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>