للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)} [الأنبياء: ٧٦، ٧٧].

وإنها لنعمة كبرى أن ينصر الله أولياءه ويخذل أعداءه، فأمر الله نوحاً أن يشكر ربه على هذه النعمة، وأن يستهديه لسلوك الصراط المستقيم كما قال سبحانه: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨)} [المؤمنون: ٢٨].

وابتلاء الله لعباده أنواع وألوان:

ابتلاء للصبر .. وابتلاء للشكر .. وابتلاء للأجر .. وابتلاء للتوجيه .. وابتلاء للتأديب .. وابتلاء للتمحيص .. وابتلاء للتقويم.

وفي قصة نوح - صلى الله عليه وسلم - ألوان من الابتلاء له ولقومه ولأبنائه القادمين.

وسنة الله أن الشر حين يتمحض يحمل سبب هلاكه في ذاته، والبغي حين يتمرد لا يحتاج إلى من يدفعه من البشر.

فحين بغى فرعون على بني إسرائيل، واستطال بجبروت الحكم والسلطان، وحين بغى قارون عليهم، واستطال بجبروت العلم والمال، فكانت النهاية واحدة.

هذا خسف الله به وبداره الأرض، وذلك أخذه اليم هو وجنوده، فلما لم تكن هناك قوة تعارضها من قوى الأرض الظاهرة فحينذاك نصر الله أولياءه مباشرة فوضع حداً للبغي والفساد، حينما عجز الناس عن الوقوف للبغي والفساد.

فدل هذا على أنه حين يتمحض الشر ويسفر الفساد، ويقف الخير عاجزاً حسيراً ويخشى من الفتنة بالبأس والفتنة بالمال، عندئذ تنزل نصرة الله صريحة متحدية بلا ستار من الخلق، ولا سبب من قوى الأرض، لتضع حداً للشر والفساد، وتضرب الظلم والطغيان والبغي ضربة مباشرة عندما يعجز عن ضربها البشر، وتنصر المستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة، وتمكن للمعذبين الذين لا حيلة لهم ولا وقاية: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>