للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} [الحج: ٣٨، ٣٩].

إن هذا ما يجب أن يعلمه كل مجاهد في سبيل الله وكل داع إليه، وهو ما تجهله الكثرة المشركة الباغية الطاغية.

ففرعون طغى: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠)} [القصص: ٣٩، ٤٠].

أما قارون فقد جاء أمر الله مباشرة في إهلاكه، فخسف الله به وبداره الأرض، ولم يغن عنه ماله ولا علمه، كما أغرق الله فرعون، فألقاه في اليم هو وجنوده: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١)} [القصص: ٨١].

وهكذا انتهى سلطان العلم والمال مع البغي والبطر والاستكبار بالبوار، كما انتهى سلطان الحكم والجبروت والعلو في الأرض.

هذا ابتلعه الماء، وذلك ابتلعته الأرض، وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين، فبعداً لقوم لا يؤمنون.

فأخذ الله كل أمة من الأمم المكذبة بذنبها، وعاقبها على قدر جرمها كما قال سبحانه: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)} [العنكبوت: ٤٠].

وما كان وما ينبغي وما يليق بالله تعالى أن يظلم أحداً؛ لكمال عدله، وغناه التام عن جميع الخلق، ولكن هؤلاء ظلموا أنفسهم فمنعوها حقها التي خلقها الله من أجله، فهي مخلوقة لعبادة الله وحده، وهؤلاء وضعوها في غير موضعها، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي عن الإيمان والطاعات، فضروها أعظم الضرر من حيث ظنوا أنهم ينفعونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>