للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه نصرة الله لأوليائه حين يتمحض الشر، ويقف الخير عاجزاً.

أما حين يقف الإيمان القوي في وجه الطغيان الباغي فإن الله جل جلاله ينصر أهل الإيمان، ويخذل أهل الطغيان، ويظهر قدرته، ولكن تحت ستار من الخلق كما قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)} [التوبة: ١٤].

وقال سبحانه: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)} [الأنفال: ١٧].

إن في هذا الكون إله واحد لا شريك له وهو الله وحده .. وفيه قوة واحدة هي قوة الله وحده .. وفيه قيمة واحدة للإنسان هي قيمة الإيمان بالله.

فمن كان الله وحده هو إلهه ومعبوده فهو أسعد الناس في الدنيا والآخرة، ومن كانت قوة الله معه فلا خوف عليه ولو كان مجرداً من كل مظاهر القوة، ومن كانت قوة الله عليه فلا أمن له ولا طمأنينة ولو ساندته جميع القوى في الكون كله.

فمن كانت له قيمة الإيمان فله الخير كله، ومن فقد هذه القيمة فليس بنافعه شيء أصلاً.

ومن هنا تقعد قيمة الحكم والسلطان عن قيمة الإيمان والأعمال الصالحة، كما تقعد قيمة العلم والمال عن قيمة الإيمان والأعمال الصالحة: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)} [السجدة: ١٨ - ٢٠].

وقد جعل الله سبحانه انتصار الحق سنة كونية كخلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، سنة لا تتخلف، قد تبطئ لحكمة يعلمها الله، وقد تأتي في موعدها حسب سنة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>