للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله تبارك وتعالى هو القوي العزيز وحده، وقوة الرب هي القوة، وما عداها من قوة الخلق فهو هزيل واهن، من تعلق به أو احتمى به خذله الله به، فهو كالعنكبوت الضعيفة تحتمي ببيت من خيوط واهنة واهية، فهي وما تحتمي به سواء كما قال سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)} [العنكبوت: ٤١].

إنه لا بدَّ للبشر من معرفة حقيقة القوى في هذا الوجود، ليعرف الناس أين يتوجهون؟، وعلى من يتوكلون؟، ومن يعبدون؟.

فلا تخدعهم قوة الحكم والسلطان، ويحسبونها القوة القادرة التي تعمل في هذه الأرض، فيتوجهون إليها، ويخشونها ويفزعون منها، ويترضونها ليكفوا عن أنفسهم أذاها، أو يضمنوا لأنفسهم حماها.

ولا تخدعهم قوة المال، فيحسبونها القوة المسيطرة على أقدار الناس، وأقدار الحياة، فيسعون للحصول عليها، ليستطيلوا بها، ويتسلطوا على الرقاب كما يحسبون، ولا تخدعهم قوة العلم الإنساني، فيحسبونها أصل القوة، وأصل سائر القوى التي يصول ويجول بها من يملكها.

فلا تخدعهم هذه القوى الظاهرة، سواء كانت في أيدي الأفراد أو الجماعات أو الدول، فيدورون حولها ويتهافتون عليها كما يتهافت الفراش على النار.

إن المؤمن لا بدَّ أن يعلم أن القوة الوحيدة التي تخلق سائر القوى الصغيرة والكبيرة، وتملكها وتوجهها، وتسخرها حيثما تريد كما تريد، إنما هي قوة الله وحده: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦)} [هود: ٦٦].

ولا بدَّ كذلك أن يتيقن المؤمن أن الالتجاء إلى تلك القوى مهما كانت كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت.

فالعنكبوت حشرة ضعيفة رخوة واهنة، لا حماية لها من تكوينها الرخو، ولا وقاية لها من بيتها الواهن، وليس هناك إلا حماية الله، وإلا ركنه القوي، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>