إن حراسة أمهات المؤمنين مهمة، لكن حفظ الدين من النقصان أهم وأعظم.
وشرح الله صدر أبي بكر - رضي الله عنه - لجهاد المرتدين فعقد الألوية، وجهز الجيوش إلى كل ناحية، وخرج الصحابة لإكمال ما نقص من الدين بسبب الردة، وبعد ثلاثة أشهر تم القضاء على هذه الفتن، ورجع الناس إلى الدين عابدين لله، ممتثلين لأوامره، مجاهدين في سبيل الله، وبعد توبتهم ورجوعهم إلى حظيرة الإسلام جاءت في نفوسهم الرغبة في الجهاد في سبيل الله؛ تكفيراً لما سلف منهم من المعاصي، فأرسلهم أبو بكر فوراً لفتح العراق والشام، فسارعوا لامتثال أمره، وكانت في صحائفهم مع بقية الصحابة جميع فتوحات العراق والشام وخراسان والسند وغيرها من بلاد ما وراء النهر.
فبسبب تضحية أبي بكر - رضي الله عنه - وكمال إيمانه أكمل الله به ما نقص من الدين، ورد به المرتدين إلى المؤمنين، وجعلهم من المجاهدين في سبيل الله.
وهكذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لكمال إيمانه وتقواه، وكمال تضحيته فتح الله به الفتوح، ومَصَّر الأمصار، وجعله سبباً للهداية وإقامة العدل.
وهكذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله بسبب استقامته، وصدق تضحيته، ورغبته في أن يطاع الله، أصلح الله به أحوال الأمة، فعم الأمن في البلاد، واستقام الناس، واستغنى الفقراء والأغنياء، وامتلأت الخزائن بالأموال من صدقة وزكاة حتى لم يجد من يأخذها.
بل أصلح الله به ما بين السباع والبهائم، وتمت النصرة الكاملة مع التضحية الكاملة مع أن حكمه كان سنتين تقريباً، فلما مات تغيرت أحوال الأمة، وعدت السباع على البهائم.
وكل رجل ذو همة يحيي الله به أمة.
والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ضحى بنفسه من أجل الدين، وإحياء السنة، فحفظه الله، ونشر به السنة، وقمع البدعة.