للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم وعلى أيديهم.

والله عزَّ وجلَّ إنما بعثهم لهذه التزكية، وولاهم إياها كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)} [الجمعة: ٢].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ صَالِحَ الأَْخْلَاقِ» أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد (١).

والنفس آية من آيات الله العظيمة، وهي موجودة في كل حيوان، وهي في غاية اللطف والخفة، موجودة في البدن ولكنها لا ترى، سريعة التنقل والحركة، سريعة التغير والتأثر والانفعالات النفسية من الهم والإرادة، والقصد والحب والبغض، ولولاها لكان البدن مجرد تمثال لا حركة فيه، وتسويتها على هذا الوجه آية من آيات الله العظيمة كما قال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)} [الشمس: ٧،٨].

وللإنسان مع نفسه حالتان:

الأولى: إما أن يطهر نفسه من الذنوب، وينقيها من العيوب، ويرقيها بطاعة الله، ويعليها بالعلم النافع، ويرفعها بالعمل الصالح، فهذا قد زكى نفسه بما يحبه الله، فهو من المفلحين كما قال سبحانه: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)} [الشمس: ١٠].

والناس متفاوتون في الأعمال والأخلاق تفاوتاً كبيراً، وذلك بحسب تفاوت الإيمان والأعمال والأخلاق، ومقدارها والنشاط فيها، وبحسب الغاية المقصودة بتلك الأعمال، هل هي خالصة لله فتقبل وتبقى وتنفع صاحبها؟

أم هي غير خالصة لله فترد وتبطل وتفني، وتضر صاحبها؟

فالناس مختلفون، وأعمالهم وأخلاقهم متفاوتة كما قال سبحانه: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)} [الليل: ٤].


(١) حسن: أخرجه أحمد برقم (٨٩٥٢).
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (٢٧٦)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>