وأما الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالقرآن مملوء به:
فرأس الأدب معه الإيمان به .. وكمال التسليم له .. والانقياد لأمره .. وتلقي خبره بالقبول والتصديق، فيوحده بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان، كما وحد المرسل سبحانه وتعالى بالعبادة والقصد والخضوع والذل، والإنابة والتوكل.
فهما توحيدان، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما:
توحيد المرسل .. وتوحيد متابعة الرسول ..
فلا يحاكم إلى غيره، ولا يرضى بحكم غيره، ولا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي، ولا إذن ولا تصرف، حتى يأمر هو وينهى ويأذن كما قال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].
والتقدم بين يدي سنته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته.
ومن الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - ألا ترفع الأصوات فوق صوته، فإنه سبب لحبوط الأعمال، فما الرأي برفع الأراء على سنته وما جاء به كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ٢].
ومن الأدب معه ألا يجعل دعاءه كدعاء غيره، كما قال سبحانه: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النور: ٦٣].
وأما الأدب مع الخلق: فهو معاملتهم على اختلاف مراتبهم بما يليق بهم.