فمع الوالدين أدب خاص، وللأب منهما أدب هو أخص به، وللأم أدب هي أخص به.
وللعالم أدب آخر يليق به .. ومع السلطان أدب يليق به .. وله مع الأفراد أدب يليق بهم .. ومع الأجانب أدب غير أدبه مع أصحابه .. ومع الضيف أدب غير أدبه مع أهل بيته.
وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره.
والأدب حفظ الحد بين الغلو والجفا، فالانحراف إلى أحد طرفي الغلو، والجفا هو قلة الأدب.
والأدب الوقوف في الوسط بين الطرفين، فلا يقصر بحدود الشرع عن تمامها، ولا يتجاوز بها ما جعلت حداً له، فكلاهما عدوان، والله لا يحب المعتدين، والعدوان سوء الأدب.
فإضاعة الأدب بالجفاء كمن لا يكمل أعضاء الوضوء، ولم يوف الصلاة آدابها، وإضاعته بالغلو كالوسوسة في عقد النية، ورفع الصوت بها.
وفي حق الأنبياء:
لا يغلو فيهم كما غلت النصارى .. ولا يجفو عنهم كما جفت اليهود.
فالنصارى عبدوهم، واليهود قتلوهم وكذبوهم، والأمة الوسط المسلمون آمنوا بهم، وعزروهم، ونصروهم واتبعوا ما جاءوا به، كما قال سبحانه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)} [الأعراف: ١٥٧].
وأما الأدب في حق الخلق، فلا يفرط في القيام بحقوقهم، ولا يستغرق فيها