للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعموم الناس كلهم في فضل الله ونعمته، ولكن أكثر الناس لا يدركه فيقطع الشكر، فَيُّحرم الطمأنينة والثواب: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠)} [يونس: ٥٩، ٦٠].

وإذا كان الله عزَّ وجلَّ أنعم على الإنسان بالعقل، ثم سلبه ذلك العقل، فله سبحانه حكمة في ذلك، كما أن لكل شيء في هذا الكون حكمة في الخروج عن المألوف.

وإذا كان عدد قليل من الناس قد فقد عقله، فقد رفع الله سبحانه وتعالى عنه التكليف في الدنيا، والحساب في الآخرة.

فهو يقول في الدنيا ما يشاء ولا يحاسبه المجتمع، وفي الآخرة كذلك لا يحاسبه الله، وفي هذا تعويض كبير عن نعمة العقل.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ» أخرجه أبو داود والنسائي (١).

فعدل الله مطلق فيما أعطاه للإنسان، ولكل واحد من البشر ميزة يتميز بها عن غيره من البشر، تعوضه عما يعتقد أنه فقده، قد يعلمها وقد لا يعلمها، وقد يعلمها الناس وقد لا يرونها، لكن الله يعلمها، ولا يظلم ربك أحداً.

فالذي لا يملك المال من الناس يملك البركة، فيبارك الله له في القليل.

والذي لا يملك المنصب يملك الصحة التي تعوضه عن هذا كله، أو يملك البركة في أولاده، فيسر الله له سبل العلم والحياة والرزق لهم.

والذي لا يملك هذا كله يملك الستر ونعمة القناعة، إلى آخر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، والتي لا يعلم دقيقها وجليلها إلا اللطيف الخبير.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٤٣٩٨)، صحيح سنن أبي داود رقم (٣٦٩٨).
وأخرجه النسائي برقم (٣٤٣٢)، وهذا لفظه، صحيح سنن النسائي رقم (٣٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>