فالأحداث العظام كالخسوف والزلازل والبراكين إذا خرجت عن طبيعتها، فالله أراد تذكرة الخلق بالخالق الذي خلقهم وخلقها ليعبدوه ويطيعوه، ويتوبوا إليه ويخافوه كما قال سبحانه: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)} [الإسراء: ٥٩].
فإذا خرج عن السنة العامة في الخلق قلة من البشر، فإنما يحصل ذلك ليذكر الناس أن هذا الكون هو من خلق الله، وأن كل شيء فيه يمضي بأمر الله، وكل شيء يمكن أن يخرج عن مهمته، ومن رحمة الله أنه يخرج بنسبة قليلة لا تذكر، تنبيهاً للغافل ليشكر، وتذكيراً للعباد بأن هذا الكون خاضع أبداً لخالقه وحده، فليتقوه لينالوا رضاه ورحمته.
والله سبحانه أوضح السبل، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، مكَّن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع والأبصار والعقول وهذا عدله.
ووفق من شاء بمزيد عناية؛ لأنه أهل للهداية، وأراد من نفسه أن يعينه ويوفقه وهذا فضله، وخذل من ليس بأهل لتوفيقه وفضله، وخلى بينه وبين نفسه، ولم يرد سبحانه أن يوفقه فقطع عنه فضله ولم يحرمه عدله، وهذا نوعان:
أحدهما: ما يكون جزاء منه للعبد على إعراضه عنه، فهو أهل أن يخذله.
الثاني: أن لا يشاء له ذلك ابتداء لما يعرف عنه أنه لا يعرف قدر نعمة الهداية.
والشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، ومصالح كلها.
فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور .. وعن الرحمة إلى الشدة .. وعن المصلحة إلى المفسدة .. وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وهداه الذي اهتدى به المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل.
والإسلام دين العدل والإحسان، ومن المبادئ الكلية للعدل، والتي يعامل الله بها عباده، والتي يملك العباد أن يعاملوا بعضهم بعضاً بها، ويعاملوا الله على