والله عزَّ وجلَّ يعلم من طبيعة الإنسان حاجته إلى الوعد بالمغفرة، والأجر العظيم، وحاجته كذلك إلى معرفة جزاء الكافرين المكذبين.
إن هذا وذاك يرضي هذه الطبيعة، ويطمئنها على جزائها ومصيرها، ويحركها للطاعة، وينفرها من المعصية، وبذلك تتلذذ بالعبادة، وتعلم أن المغفرة والأجر العظيم دليل رضى الله الكريم، وفيها مذاق الرضا فوق مذاق النعيم.
ودين الإسلام قائم على العدل المطلق؛ لأن الله الذي شرعه يعلم حق العلم بم يتحقق العدل المطلق؟، وكيف يتحقق؟.
ولأنه سبحانه رب الجميع، فهو الذي يملك أن يعدل بين الجميع، وأن يجيء منهجه وشرعه مبرءاً من الهوى والميل والضعف والجور.
كما أنه مبرأ من الجهل والقصور، ومن الغلو والتفريط.
ومنهج الإسلام متوافق مع ناموس الكون كله؛ لأن الذي شرعه هو خالق هذا الكون كله وخالق الإنسان، فإذا شرع سبحانه للإنسان شرع له كمخلوق من مخلوقاته، لكن تطيعه مخلوقات مسخرة له بأمر خالقه، لكن بشرط السير على هداه.
والله عزَّ وجلَّ أمر عباده بالعدل والإحسان، والعدل الذي أمر الله به يشمل العدل في حقه وفي حق عباده، والعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة موفورة، بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية والبدنية، والمركبة منهما في حقه وحق عباده كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)} [النحل: ٩٠].
ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كل مسلم وكل والٍ ما عليه تحت ولايته، سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى، أو الولاية الصغرى.