للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» أخرجه أحمد والترمذي (١).

فالمنفعة والمضرة لا تكون إلا من الله وحده، فإن المرء إذا كان غير عالم بمصلحته، ولا قادر عليها، ولا مريد لها كما ينبغي، فغيره أولى ألا يكون عالماً بمصلحته، ولا قادراً عليها، ولا مريداً لها.

والله سبحانه هو الذي يعلم ولا تعلم، ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله لا لمعاوضة ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا ليتكثر بك، ولا يتعزز بك.

وهو سبحانه يحب الجود والبذل، والعطاء والإحسان، أعظم مما تحب أنت الأخذ والانتفاع بما سألته.

فإذا حبس الله عنك فضله ونعمته فلأمرين لا ثالث لهما:

أحدهما: أن تكون أنت الواقف في طريق مصالحك، وأنت المعوق لوصول فضله إليك، فإن الله قضى أن ما عنده لا ينال إلا بطاعته، ولا يزيد ويدوم بغير شكره، ولا منعت نعمة بغير معصيته.

وكذلك إذا أنعم الله عليك بنعمة ثم سلبها منك، فإنه لم يسلبها لبخل منه، ولا استئثار بها عليك، وإنما العبد هو المتسبب في سلبها عنه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)} [الأنفال: ٥٣].

فما أعجب حال الإنسان؟.

يشكو المحسن البريء عن الشكاية، ويتهم أقداره ويلومها، والإنسان هو الذي ضيع وفرط، وقصر وعصى، وجهل وأساء، ثم قعد يعاتب ويحاسب القدر بلسان الحال أو المقال.

وهذه حال أكثر الخلق، فإن الفطرة إذا فسدت، وأطفأ الهوى نور العلم والإيمان حل الظلام، فضل المرء عمن أصل بلائه ومصيبته فيه، وأقبل يشكو الذي كل


(١) صحيح: أخرجه أحمد برقم (٢٦٦٩).
وأخرجه الترمذي برقم (٢٥١٦)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>